Monday, September 1, 2008

ابتسامة


ابتسامة

ولِد هكذا....هكذا خلقه الله لا يعلم ان كانت تلك نعمة ام نقمة؟هل هي رضا من ربه؟ام سخط الله عليه؟ ولكنه كان يعلم ان هذا قدره سواء شاء او لم يشئ انه قدره وعليه ان يرضى به وهو فعلاً راضٍ.

ولد هكذا عضلات وجهه ثابتة على هذا النحو فيبدو وكأنه مبتسم دائماً.فرح به اباه يوم مولده واعتبره بشرة خير من السماء بأن هذا الولد سعيد منذ مولدة وان حياته ستكون مليئة بالافراح والسرور.

ولكن ليس بالابتسامه وحدها يسعد الانسان وليست الابتسامه دليل على السعادة كما ان الدمع ليس دليل على الحزن.

عاش مبتسماً طوال حياتة مهما كان شعورة كان مبتسماً لكنه مبتسماً رغماً عنه لا برضاه.كان يتمنى ان تعرف الناس ان هذا عيب خلقي وانه ليس دائم السعادة كما يعتقد الناس و كما يحسدونه على سعادتة دائماً وفي بعض الأوقات يتهمه بعضهم بالبرود.

يتذكر اليوم الذي كان جالساً فية في مقهى غريب يتابع نشرة الأخبار بما فيها من قتل للأبرياء في فلسطين و العراق وتشريد المئات من الأطفال والنساء . كان يبكي بداخله نهراً من الدموع ولكن تلك الابتسامة اللعينه المرسومة على وجهه

تذكر يومها كيف ان الناس يومها احتقروه وتشاجروا معه واصفينه بالعميل بالجاسوس بالخائن بمنعدم المشاعر,بأن الذي يجري في عروقه ماء وليس دم

حاول ان يشرح لهم حقيقة موقفة ولكنهم لم يعطوة الفرصة ورموه خارج المقهى.

تذكر كيف انه يومها اخذ يبكي والدموع تنهمر على وجهه ونفس الابتسامة مرسومة على وجهه تذكر نظرة الحقد والاستغراب في عيون الناس في الطريق وهم يتسألون ما الذي يفرح هذا الرجل بهذه الطريقة التي تجعله يبكي من الفرح؟!

يحسدونه على دموع يظنونها دموع فرح ولكنها فى الحقيقة دموع الم وحزن.

تذكر اليوم الذي جائه ساعي البريد بالتلغراف الذي يخبره بوفاة والده وسمع الساعى وهو ينزل على السلالم يقول ((ابن المحظوظة لابد وان الميراث كبير والا لم يكن ليبتسم هذة الابتسامة امامي وهو يقراء خبر وفاة والدة))

تذكر يوم وقفتة في صوان العزاء وهو يتقبل العزاء في اببه والناس تسلم علية منهم من يوصفه بالشجاع الذي لا يريد ان ينهار امام افراد العائلة حتى لا ينهاروا بدورهم وانه يريد ان يظهر لهم انه يستطيع تحمل المسؤلية

منهم من يصفة بالولد العاق لوالدة كيف يبتسم بهذه الطريقة المستفذة في مأتم والدة

منهم من يصفة بالبرود ...منهم من يصفة بالجنون من أثر الصدمة علية......

كان يريد ان يصرخ فيهم بأعلى صوته وهم يتهامسون (من فضلك انت لا تعرفني فلا تحكم على) لكنه منع نفسة من ان يصرخ حتى لا تتأكد علية صفة الجنون.

تذكر سائق التاكسي الذي سأله عن سر ابتسامتة بعد رجوعة من توصيل احد اقاربة الى المطار فحكى له حكايته فقال له السائق وهو يبكي (لا احد يعلم ظروف أحد يابنى)

لم يكن يشعر بالحزن او الغضب من الناس ولكنه كان يشفق عليهم..نعم يشفق عليهم يشفق عليهم من تحملهم مشقة الانشغال بأمور الناس ومحاولة الاستنتاج وترجمة ما يرونه امامهم محاولتهم لاختراق نفوس وقلوب بشر لا يعرفونهم محاولتة قراءة افكار البشر او فيما يفكرون.

كان يتمنى فقط ان يتركه الناس في حالة وان يهتم كل منهم بشأنه الخاص.

تذكر كل هذه المواقف عندما اخبره الطبيب بانه مصاب بمرض خطير وان حالته متأخره وانه لن يعيش الا لبضعة اسابيع ان لم تكن بضعة ايام.

نظر له الطبيب باعجاب وفخر قائلاً ما اشجعك حتى اقوى البشر كان من الممكن ان ينهار بمجرد سماعة لهذا الخبر وانت مازلت محتفظ بابتسامتك تلك هي الروح المطلوبة لا احد ينكر ان الامل في الشفاء ضعيف ولكنه موجود.

خرج من عند الطبيب ولكنه لاول مره بالفعل كان مبتسماً من داخله...

بضعة ايام اخرى من هذة المشقة وبعدها الرحة...الراحة الابدية.....

قالها لنفسة وعلى وجهه نفس الابتسامه

عمرو خاطر

2 comments:

Abu Shahin said...

يانهار ابيض

ايه الجمال ده

حلوة بجد .. احداث متتابعة ومكثفة .. ولغة هايلة وصياغة ادبية ممتازة

تحياتى

Amr Khater said...

متشكر جدا يا ابو شاهين