Monday, December 1, 2008

نور


نور

نور

-نور اصحى يا حبيببي !

-حاضر.  –اصحى يا واد يلا هتتأخر على المدرسة

-حاضر ياماما خلاص قمت اهوه

يستيقظ نور في السادسة صباحاً كعادتة يومياً من اجل اللحاق بمدرستة قبل موعد طابور الصباح في طريقه الى الحمام في تلك الشقة الصغيرة من المساكن الشعبية يلتقي بوالدة فيجري نحوة بفرحة وسعادة بوجه مبتسم ابتسامة مشرقة بريئة ((صباح الخير يا بابا)) ملقيا بنفسة في حضن والده ثم يقبل يده.

يدخل الحمام يغتسل ويتوضاء ليصلي الصبح كما عوده والده.ثم يذهب الى السفره الصغيرة ليجلس مع والديه يتناولان الافطار المكون من فول وطعمية وخبز تمويني وبيضه واحده تصر والدته  ان يتناولها هو بمفرده لكي ((يكبر بسرعة ويبقى راجل قد الدنيا)) على حد تعبيرها,,بعد الافطار يقبل يد والديه ثم يأخذ حقيبته وينزل مسرعاً لا ليلحق بباص المدرسة فهو يذهب الى مدرسة حكومية عادية  تبعد حوالي كيلو متر من المنزل بل ليلحق باصدقائة حتى لا يمشي وحيداً

وقد اعتاد ان يتمشى تلك المسافة مع اصدقائه وزملائه يومياً.كان طفلاً بريئا مؤدباً كأنه ملاك يمشي على الارض فلم يكن يدرك معنى الخطيئة بعد لم يلوث الشيطان افكاره وقلبه لم يكن يتذمر ابداً على فقر والديه فهو كطفل لم يتجاوز الحادية عشر من عمره كان كل ما يريده من هذة الدنيا القاسية هو حب والديه.

يدخل المدرسة يسلم على اصدقائه يضحكون ويمرحون ثم يصطفون سوياً في الطابور,يحي العلم مع زملائه بكل حماس وسعاده وحب فقد علمه والده ان يحب مصر لم يكن يدرك وقتها معنى كلمة وطن ولكنه كان يحب مصر.

يدخل الفصل يجلس في مكانه المعتاد يدخل الاستاذ حازم اصغر استاذ فى المدرسة وكان الكل يخاف منه ويعمل له الف حساب حتى زملائه المدرسين والناظر ايضاً كانوا يخافون منه فقد كان حازم كما يقولون ((مسنود من فوق قوي))نظرا لتعينينه في المدرسة بعد وقف التعينات منذ الثمانينات.

ييصرخ حازم في الطلبة

-- اللي معملش الواجب يطلعلي بره.

ينكمش نور في مقعده فقد نسى ان يحل واجب الاستاذ حازم.ينظر حازم للطلبة فلا يخرج احد فينظر بنظره غاضبة متوعدة ويصرخ مرة اخرى قائلاً

--هافتش ع الواجب واحد واحد فاللي معملوش يطلع دلوقتي احسنله بدل ما تبقى وقعته سودا زي يومه.

يخرج نور وهو وثلاثة من زملائه

-معملتوش الواجب ليه يا بهوات؟

-معلش والله يا استاذ والله اخر مرة نسينا معلش والنبي يا استاذ. يجاوب احدهم

-وانت بقى ان شاء الله المحامي بتاعهم؟ينظر حازم للطفل ثم يكمل - نسيتوا؟! ماشي انا هوريكوا علشان تبقوا تنسوا كويس بعد كده.

يمسك حازم بعصا غليظه ويتوجه نحو احدهم قائلاً - افتح ايدك كويس واعمل حسابك الفلتة ب 3

يضرب التلميذ بعنف 3 خبطات بالعصا على يديه الصغيرة ونور يشاهد هذا المشهد وهو يرتعد فلماذا يتعامل معهم هذا المدرس بتلك الوحشية؟ينتهى حازم من معاقبة الطفل الاول ثم يتوجه نحو نور صارخاً -افتح ايديك انت كمان اخلص.

يمد نور يده ببطئ وهي ترتعش من الخوف.كم انت مسكين يا صغيري ماذا فعلت لتستحق تلك الوحشية؟وكيف ستتحمل تلك اليد الرقيقه هذا التعذيب؟.يرفع حازم تلك العصا القاسية -التي اكاد اقسم انها لو لها قلب لرقت لحال هؤلاء الاطفال الابرياء-ثم يهوي بها لتحتضن تلك العصا هذه اليد البريئه في تلاحم مؤلم وعنيف يصرخ على اثره نور من الالم وتنهمر دموع الالم من عينيه نتيجة طبيعية لهذا التلاحم.

-افتح ايدك انجز لسالك عصايتين.

يمد نور يده الاخرى لتلقى نفس مصير شقيقتها يمدها ببطئ وخوف أشد من المره السابقة فهو الان يشعر بألم النتيجة يمدها وعينيه معلقه في السماء ينظر للعصا وهي تهوي مرة اخرى لتقترب من يده ليسحبها من تحتها بسرعة في ردة فعل طبيعية ناتجة عن خوفه لتهوي على ساق الاستاذ.

-يا ابن الكككككلب طب استناني بره يا روح امك وحياة امك لاوريك . يقولها وهو يرمقه بنظرة غضب وتوعد

-خلاص والنبي يا استاذ اسف والله غصب عني ايديا اهي. يقولها نور والدموع تجري انهاراً على وجهه البريء وهو ينظر للمدرس بنظرة استعطاف عله يرفق بحالة

-بره يالا.

 يدفعه بعنف الى خارج الفصل ثم يخرج خلفه مباغتاً اياه بصفعه قوية على وجهه ثم يتبعها بركلة شديده في صدره ليقع نور على أثر تلك الركلة ويصطدم بالارض في عنف,فيواصل هذا الوحش الموجود في صورة مدرس ركلاته لهذا الجسد الهزيل ثم يجره ويلقي به داخل الفصل قائلاً

-اترزع في تختتك

يحاول نور ان يقوم فيساعده احد اصدقائه لكي يجلس في مكانه ثم يريح رأسة على الدكة امامه.....يضع رأسه ولا يرفعها مرة أخرى ....الى الابد

مسكين يا صغيري ولدت في بلد فيها الانسان رخيص عند حكامها قتلت يا نور من اجل ماذا فأنت لم تغرق عبارة او تسرطن شعباً بأكملة لم تحرق البسطاء في قطار او حتى في قصر ثقافة

مسكين يا صغيري ولدت في هذا الزمن القاسي كل ذنبك ان والدك كان فقيراً في بلد الفقراء بها بلا ثمن.

 

 

 

اهداء الى روح البطل الحقيقي الشهيد / اسلام عمرو بدر

2 comments:

wafaa said...

اسلوبك رائع وسردك ببقصى ممتع جدا
وعن ظلم الانسان لاخيه الانسان لا نقول غير حسبناالله ونعم الوكيل
تقبل مرورى
وفاء

Amr Khater said...

thx ya wafaa
w ya ahlan beeky fi ay wa2t f el blog
w atmana a3arf r2yek fi ba2y el 7agat