Monday, August 25, 2008

قلب زجاجي


قلب زجاجي...
إنطلقت النقالة مسرعة بداخل طرقات المستشفى المزدحمة يدفعها اثنين من الممرضين يركض بجوارها طبيب وشاب وفتاة يبكيان وهما ينظران الى جسد والدهما المسجى على تلك النقالة وخلفهم تمشي سيدة عجوز بأقصى سرعة تستطيع قدماها الهزيلتين بفعل الزمن ان تتحملها.
تمشي خلف النقالة ودموعها تنهمر على خدودها حزناً وقلقاً.في عينها حزن صادق عميق على زوجها وحبيبها وصديقها رفيق عمرها على مدار ثلاثون عاماً من الزواج ثلاثون عام من حسد الناس لهما على سعادتهما معاً
يصرخ الطبيب فى احدى الممرضات لكي تجهز غرفة العمليات و تستدعي طبيب التخدير
يسأل الشاب والدموع تملأ عينية
_هل سينجو؟
يجيبة الطبيب بنبرة قلقة
-لا اخفي عليك فحالة والدك حرجة ومتأخرة فالقلب حالتة سيئة للغاية ولا نعلم الى متى سوف يصمد.
-وما هو الحل؟
-من حسن الحظ وجود طبيب اجنبي هنا اليوم بالمستشفى وقد اخترع هذا الطبيب قلب صناعي زجاجي يعمل تماماً كالقلب الطبيعي ونفس الحجم تقريباً ولكنة لم تتم تجربتة من قبل ولكن نسبة النجاح المتوقعة للعملية قد تصل الى 80% اذا وافقتم نستطيع اقناع الطبيب و البدء فى عملية زرع القلب الصناعي فوراً
-بالطبع موافقون يا دكتور طالما نسبة نجاح العملية مرتفعة و احتمالية عودة ابي الينا كبيرة,قم بهذه العملية.
---
استمرت العملية اكثر من 5 ساعات خرج بعدها الطبيب معلناً نجاحها ويبشرهم بأنهم سيروا والدهم بعدما يفوق من المخدر
دخل الشاب والفتاة لرؤية اباهم بعد العملية واذا هو ينظر لهم بحركات وجه ثابته وملامح جادة ويسألهم عن امهم فاجابوه بانها في البيت تستريح قليلاً
لم يكونو يعرفوا بما يجيبوة بغير ذلك لم يدروا كيف يخبروة بحقيقة وفاه زوجتة من القلق والخوف علية وهو بغرفة العمليات.
قال لهم بنفس ملامح الجدية حسنا هذا افضل دعوها ترتاح ولكن اين الطبيب اريد ان اره.
استغربت الفتاه من والدها واحست انها تتحدث مع شخص مختلف اين وجهه البشوش اين؟ ابتسامتة الدافئة؟ اين البريق المميز بعينيه الذي يشعرها بالأمان؟ قالت لنفسها ربما هو مجهد من أثر العملية ربما......
وصل الطبيب فأخبره الرجل بأنه لم يعد يشعر بالدفئ الذي كان يشعر به دوماً وبأنه يشعر ببرودة في جسدة مصدرها نابعاً من قلبة هذا القلب الزجاجي
اخبره الطبيب ان حرارته طبيعية وان كل هذة اوهام فنظر له بملامح جامدة قائلاً حسناً
مر يوم والثاني وكل يوم يسأل اولاده عن امهم وهم يتهربون من الاجابة حتى نفذو من الاسباب و اخبروه بخبر وفاتها من خوفها وقلقها علية اخبروه وهم ينظرون في الارض متوقعين تأثير هذا الخبر علية قلقون على عواقبه وهو مريض لم يمض على خروجه من غرفة العمليات سوى 48 ساعة.
لكنهم لم يكونوا يتوقعو ابدا رد الفعل هذا فقد نظر اليهم ببرود قائلاً حسناً لقد كانت مريضة وهذا هو المتوقع.
استعجب اولاده من رده فعل الاب وقسوة قلبة ولكنهم راجعوا انفسهم ربما كانت الصدمة كبيرة علية ولم يستوعبها بعد....ربما يريد ان يظهر قوياً امامنا حتى لا ننهار نحن ايضاً.....ربما
بعد خروجهم جلس الرجل مع نفسه يحدث نفسه باستنكار لماذا لم احزن على زوجتي ورفيقة عمري؟؟ماذا يحدث لي؟؟ما هذا البرود في قلبي؟ لماذا لم تدمع عيني دمعه واحده؟الا تستحق من وقفت بجواري طوال هذة المده دمعه واحدة؟؟؟!!!لماذا اصبحت بمثل هذة القسوة؟ لابد وانه هذا القلب الصناعي اللعين...
ايها الطبيب ! ايها الطبيب ! ظل يصرخ كالمجنون حتى اتاه الطبيب
نظر الى الطبيب وقال له ماذا يحدث لي؟ اخبرني لماذا لم احزن على وفاة زوجتي وحبيبة عمري؟ جلست اتذكر كل المواقف الصعبة في حياتي ولم استطع ان احزن تذكرت كل المواقف السعيدة ولم اشعر بالفرح لماذا؟ ماذا يحدث لي اخبرني بالله عليك؟؟
نظر له الطبيب باستغراب شديد وطلب من الهدوء واخبره ان كل الوظائف الحيوية للجسم تعمل بانتظام والمؤشرات كلها تشير الى تقبل الجسم للعضو الجديد
قال له الرجل انا لا اريد مؤشرات واجهزة واسلاك لتخبرني بما اشعر هناك شيء غريب يحدث لي اريد ان افهمه
ابتسم الطبيب وهو يقول له ان كل هذا مجرد اوهام لا اساس لها من الصحة
نظر الرجل الى الطبيب راسما ابتسامه صناعية على وجهه لم يكن يشعر بالسعاده ولكنه كان يعرف ماذا سيفعل قائلاً
اشكرك ايها الطبيب اسف لازعاجك
---
في اليوم التالي جاء الشاب والفتاه لرؤيه والدهما فوجدوا سريره فارغاً!! فذهبوا مسرعين الى الطبيب يسألوا عن والدهم
فحكى لهم الطبيب الحوار الذي دار بينهما بالامس وقال لهم بعد خروجي من عنده بالأمس نزع والدكم قابس الكهرباء الموصول بالقلب الجديد و مات........
عمرو خاطر

No comments: