Wednesday, February 25, 2009

1900

5:30 صباحاً
يستيقظ مبكراً كعادته لكي يلحق مكاناً جيداً ومتقدم في طابور العيش حتى يتثنى له الحصول على بعض الأرغفة الساخنة
والتي تصلح نوعاً ما للاستهلاك الآدمي حيث في هذه الفترة يراعي صاحب الفرن ضميره تحسباً لمرور أي لجنة من مدرية التموين. يريد أن يحصل على الأرغفة قبل أن يستيقظ الأولاد للذهاب إلى مدارسهم.

5:45
صباحاً

يقف في الطابور يتجاذب أط
راف الحديث مع بعض رفقائه في الكفاح اليومي من أجل لقمة العيش يقضون الدقائق في الحديث عن العيشة وكيف إنها أصبحت لا تطاق وسعر كل السلع في تزايد مستمر ومخيف عدا البني أدم ((هو اللي بيرخص)) على حد تعبيره. ينجح في الحصول على الخبز فيتوجه إلى عربة الفول الموجودة بأخر الشارع حاملاً معه طبق ميلامين كبير يطلب من البائع أن يعطيه بجنية ويخرج النقود من جيبه ويفرك الجنية جيداً بين أصابعه حتى يتأكد من انه جنيه واحد فقط لا غير. تحدثه نفسه بأن يأتي لأولاده بقرصين من الطعمية أيضا, انه أول الفصل الدراسي الثاني ويريدهم أن يفطروا جيداً حتى يتثنى لهم الفهم في المدرسة. يذهب إلى بائع الطعمية ويطلب من بخمسين قرش فيعطيه 5 أقراص من الطعمية في حجم قرص الأسبرين ويلفهم في ورقة جريدة قديمة يطالعها أثناء العودة إلى المنزل فيجد مانشيت كبير ((الحكومة وجهود حقيقية وكبيرة من أجل رفع مستوى محدودي الدخل))
6:20 صباحاً

يقبل الأولاد بحب قبل أن يذهبوا إلى مدارسهم ويسأل زوجته إذا ما كانت تريد شيئاً منه فتخبره بأن أنبوبة البوتاجاز قد فرغت ويجب إعادة ملئها وتطلب عشرة جنيهات فيصيح فيها مستنكراً متسائلاً لماذا عشرة جنيهات فتجيبه بأن أسعار الأنابيب قد ارتفعت لوجود أزمة مطالبه إياه بالدعوة لها عسى أن تجد واحدة بهذا السعر. يعطيها النقود وينصرف ودماغه تكاد أن تنفجر من الفكر في كيفيه تدبير حالة لأخر الشهر.
3:00 عصراً
يخرج من عمله لاهثاً خلف أتوبيس هيئة النقل العام المتهالك أملاً في اللحاق به وبعد جهد مضني يستطيع أن
يقفز برشاقة وخبرة ممسكاً بالباب و مخترقاً جموع البشر. كل ما يريده الآن هو أن يذهب إلى سريرة كي ينام ولو لمدة ساعة واحدة قبل موعد عملة الأخر.
3:45 عصراً
يدخل إلى منزله لا يقوى على الحركة تسأله زوجته ((أجهز لك الغدا)) فيرد عليها بأنه يريد أن ينام لا أن يأكل ويطلب منها أن توقظه بعد ساعة.
4:45 عصراً
يستيقظ من نومه يأكل لقمة على عجل ويرتدي ملابس شغله الأخر ملابس صبي قهوة نعم هو وبعد أن شابت رأسه يعمل في وظيفة مسائية صبي قهوة بأحد مقاهي الحسين كم أنت غريب أيها الزمن. لكن لابد من هذا العمل حتى يستطيع تحمل متطلبات الحياة.
6:00 مساءً
يعمل بجد ويحضر طلبات الزبائن من مشروبات وشيش يتحدث مع زملائه في العمل عن الدوري والكرة يعلن عن سعادته بكونه أهلاوي وكيف أن تلك أصبحت هي المتعة الوحيدة في حياته ويشكر الله على وجود أبو تريكة في مصر ليفرحه هو والكثيرين ويدعو له بالجنة.يسأل احدهم عن موعد مباراة اليوم فيجبونه بأنها في الساعة السابعة.أحد مزايا عمله بالمقهى هو انه يستطيع مشاهدة المباريات المشفرة حيث انه لا يمتلك دش ولا حتى وصلة.
7:00 مساءً
بدأت المبارة وبدأ يتابعها بشغف ويدور بين الزبائن متسائلاً إذا ما كان أحدهم يريد شيئاً أم لا . يتابع على الشاشة الآن أحد الهجمات هيا هيا يعلو صوت المشجعين وفجأة لم يدري ما حدث سمع صوت عالي ومخيف صوت انفجار وبعد ذلك لم يستطيع أن يميز ما يحدث أصوات صراخ وبشر يركضون في أنحاء المكان ودماء تتطاير في كل مكان وجد صديقه وزميله ملقى على الأرض ركض نحوه حاول أن يرفعه ولكنه لم يستطع نظر إلى زراعة الأيمن فلم يجده!!! وجد الدماء تنفجر منه بغزارة لماذا لم يشعر بالألم ولماذا تضيع الصور من أمامه؟ أسئلة كثيرة تدور في رأسه ماذا حدث ولماذا يرى والدة المتوفى الآن أمامه؟؟بدأت الصورة تختفي شيءً فشيءً و بدأت الأصوات تتخافت وبدأت تخور قواه حتى سقط على الأرض.
7:20 مساءً
يدخل أحد الأشخاص إلى مكتب كبير ويوجه التحية للشخص الجالس على المقعد الجلدي الوثير الذي ينظر إليه بدورة وهو ينفث دخان سيجارة الكوبي متسائلاً ما الذي أتى به إلى مكتبة فيجاوبه الأخر
:حدث انفجار في منطقة الحسين الساعة 1900 يا فندم
:في خسائر في الأرواح؟
:10 مصريين بينهم عاملان في مقهى و....
يقاطعه الشخص الجالس على المكتب: المهم الأجانب في حد منهم أصيب؟
:سائحة واحدة ماتت يا فندم
:طب الحمد لله بسيطة اقبضلي على كام واحد من الجماعة إياها وطلع بيان عن مسؤولية أحد الجماعات المتطرفة عن الحادث وخلي المندوبين الصحفيين يركزوا على ضرورة العمل بقانون الطوارئ وضرورة تمرير قانون الإرهاب.
تمت
عمرو خاطر
فبراير 2009

No comments: